خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وخصه بالكثير من النعم ما يستحق الحمد والشكر عليه ومنها نعمة الحمل والإنجاب وهي حقا متعة بكل المقاييس الأنثوية . ولكن هناك من المخاوف مما يحيط بعملية الوضع ( الولادة )، بسبب آلام الولادة والتي تعتبر من هواجس الكثير من الأمهات كلما اقترب ميعاد الولادة . ومن نعم الله علينا أنه علم الإنسان ما لم يعلم وخلق العلم الذي سخره الإنسان-بإذنه تعالى- لخدمة الإنسانية ومنها العلوم الحديثة التي أفادت في علاج الآلام كعلم التخدير. ومن الطرق المستخدمة لعلاج الآم الولادة حقنة الظهر ( Epidural Analgesia) وهي من الطرق المثلى لتخفيف آلام الولادات، وتشيرالإحصائيات العالمية إلى أن 35-40% من الولادات في الولايات المتحدة، و50-60%من الولادات في دول إسكندنافيا، و30-40%من الولادات في فرنسا تتم باستخدام حقنة الظهر.
ما هي حقنة الظهر ؟
هي عبارة عن إبرة يتم وضعها في ظهر المريضة – تحت مخدر موضعي - ومن خلالها يتم إدخال قسطرة: أي أنبوبة بلاستيكية رفيعة إلى مكان معين (خارج الأم الجافية Epidural Space ) في الظهر، وتستقر القسطرة في الظهر، ثم يتم نزع الإبرة من الظهر بعد التثبيت من دخول القسطرة إلى مكانها الصحيح، ثم تثبت باللاصق الطبي على ظهر المريضة، وتخرج مقدمة القسطرة من على كتف المريضة حيث يتم حقن جرعات المخدر من خلال هذه القسطرة أثناء استلقاء المريضة تماما على ظهرها .
توضع الإبرة في الظهر بين فقرتين من فقرات العمود الفقري ( الفقرات القطنية )، وخارج وبعيدة عن الحبل الشوكي المسئول عن الإحساس والحركة في الجزء السفلي من الجسد . كل المطلوب من الأم هو تنفيذ تعليمات الطبيب أثناء تركيب الإبرة، وهو الثبات في الوضع الذي يحدده الطبيب، والتعاون معه لتسهيل المهمة، ومن المفيد أن يكون هناك تواصل إيجابي بين المريضة والطبيب، أي أنه عند وجود ألم وضع ( طلقة ) أثناء التركيب يتوقف الطبيب ويعطي الفرصة للمريضة للاسترخاء إلى أن تذهب الآلام وبعدها يستأنف الطبيب العمل . أثناء الولادة لا تشعر الأم بأية آلام على الإطلاق بل تشعر بثقل وتنميل أو خذلان في أرجلها مع صعوبة في تحريكها والشعور بالميل إلى النعاس، وقد تشعر الأم ببعض الرجفة أو الرعشة وهو شعور طبيعي أثناء الولادة.
ما هو تأثيرها على تقدم الولادة والمولود ؟
لها تأثير إيجابي كبير حيث أنها تؤدي إلى زيادة كمية الدم المتدفق للرحم والمشيمة، وبالتالي تكون الانقباضات (الطلق) أكثر انتظاما، وأيضا تكون كمية الأكسجين التي تصل للمولود أكثر، مما يؤدي في النهاية إلى تقدم الولادة بطريقة أحسن، وولادة مولود في حالة أفضل بكثير من الولادات الطبيعية العادية أو القيصرية . ويبقى السؤال عن المضاعفات خاصة حدوث ( الشلل ) ؟ من النادر جدا حدوث صداع بالرأس مما يستلزم استشارة طبيب التخدير، أما عن الشائعات حول إمكانية حدوث شلل جراء استخدام إبرة الظهر للولادة فهو ما لم يتم تسجيله عالميا ولم يتم حدوثه على مدى سنوات عديدة على مستوى العالم، وهو إرث من الماضي - من عشرات السنين - حيث كانت الإبرة في بداياتها بدائية، وكبيرة، وغليظة، ولم يكن هناك التمرين الكافي عليها، وأيضا كانت الأدوية المستخدمة في حد ذاتها مختلفة تماما مما أدى إلى حدوث مضاعفات كثيرة منها الشلل، وذلك في أوائل استخدامها منذ حوالي أكثر من 40-50 سنة .